هذي قصّة واقعية حدثت لأحد الشباب وهو طالب في الثانوي وهو من أهل قرية "لشعب" يرويها بنفسه فيقول:
في أيام الإختبارات الثانوية (أولى ثانوي) كان عندنا نقل مدرسي يسوقة واحد من شيبان جماعتهم وهو عبارة عن جمس حوض مرفّع يا الله يالله يقدرون يركبون في الصندوق من ارتفاعه، والذي زاد المهمة صعوبة العلف وبقايا الرفة وشرافي وميانب وأيضا الصدام الخلفي غير موجود في الخدمة (مش مؤقتا بل على طول)، وهذا يعكس مهارة سواق النقل (الله يحسن له الخاتمة) خصوصا في الريوس.. وبالمناسبة كانت جدتي (الله يرحمهما) تخمن وتقول: أخس ما يايي على السيارة إلى أهبوها في الريوس!! (معلومة جيدة).. بعض الشيبان إذا رجع ريوس ما يوقف أو يعاد يسمع شيء انكسر !! وإذا قالوا له شيء قال: والله إني تصرفت.. أصغير صدمة عبا ذا يتمنى.. حذاك حذاك.... والله إنها مجازفات يومية وسواقة على الوهمه، ولاشي شوف رغم أنهم قشوا له غلامات مرار، والعماه بالصدام .. يعني حالة.. لكن الله الحافظ...
المهم نرجع لشعب:
الولد هذا على عمّه، وتعرفون الواقع الأليم تحت أغلال الإحتلال ومحاولات التطهير العرقي.. يقول ما وعيت إلا الساعة سبعة إلا ربع، وعلمت باليقين الذي لا يخالطه الشكّ أن الجمس عاد تو الخاضرة (فاتتني رحلة الخطوط السنغالية) المهم المصيبة فوات الإختبار والرسوب المخيف وما ينبني عليه من العقوبات الإقتصادية والسجن والإرهاب.. يالطف الله لطفه..
ما لكم بتطويل الكلام.. المهم يقول نفرت واختطفت دسمال هناك واشتليت الكتاب وبأشد سعيه مع الخط الترابي باتجاه الخط العام.. الفطور بلا فطور أصلا هذا شيء من الترف الذي ما تعودنا عليه.. وانطلق إلى أن وصلت الخط العام.. وهنا برد يصل إلى مستوى الضريب.. والرؤية الأفقية غائمة إلى غائمة جزئيا.. والجيوب الهوائية حطيمها في الجيوب الأنفية تقول لواء العمالقة (الجيش اليمني)..
المهم أشرت وأشرت على الخط.. وما هي إلا لحظات إلا ولبيك بهايلكس غمارتين يقودها واحد من الشيبان الحمر العمالقة الذين يفدون من جهة حلباء، متلثم ما تكاد ترى إلا عيونه وأنفه من البرد.. وعليه جاكيت بالطو من جاكيتات السوفيت أيام الحروب البلشفية، كل بنق مثل فنجال القهوة.. وهنا جيوب الجيب الواحد بياخذ خمسة أمداد برّ... جاكيت رهيب.. ما هو ضد البرد وبس بل أنا متأكد إنه ضد بوفتيل والمقمع ورصاص المحدّش...
المهم سلمت عليه ونطيت جنبه وشهقاتي تتصاعد: تكفى يا عم تكفى ياعم.. الإختبار أو يفوتني.. أفلح النقل وخلاني.. والأوراق يوزعونها بعد ربع ساعة..
المهم ازدفر الشايب وانتخى.. ام فك اللثمة.. وبعدها ضرّب القير في الواحد ام اشتل ريل مثل المقرنة فاضربها على البنزين إلا نطيط السيارة وهريف راسه هريف.. ام القط القير فاضربه في القير الحادي والعشرين.. ام انفك يا الربع بسرعة جنونية..
المهم.. أسعدني تفاعله.. وقلت فرصة في الطريق أبدأ أراجع شويه.. فتحت الكتاب وبدأت أفتش الصفحات.. ويلمح لي هريف الجبال والشجر ..
والبيوت من الجانبين.. وأنا منغمس في المراجعة والرادي على الأخبار..
المهم يالربع ما أنتبهت إلا قبل وصولنا عند حصن النماص ذا تو المنشية
والشايب مشوّت.. (ما أدري وين فكره إن المدرسة.. والا هو مبرمج على سوق الثلاثاء ما أدري) المهم اخترقت الصمت وصحت صيحة: عمّ يسار تكفى يا عم منيّه يسار.. يالربع ما واليت الكلمة إلا قد اعتطف الدركسون وهنا سرعة غير عادية ام التفها يسار.. فنصقع بثلاث قلبات واستقري يالهايلكس أخيرا على جنبها الأيسر.. والشايب تحت، والله سلّم عمّال أرتريين كانوا في الزاوية.. وتكسر القزاز.. المهم دورت للكتاب ونطيت مع القزاز وطلع الشايب يصيح ما عليه إلا القبعة وعاد على خشمه مثله.. وقام يصيح: وين هو هذا الخبيث. وين سار الخبيث.. هذا شيطان هذا شيطان والله ما هو بآدمي.. المهم واحط رجلي وجري على المدرسة وفيّه منظر .. واستطعت أن أحضر الإختبار في المدرسة التي لا تبعد كثيرا وأنا في حالة مؤسفة ونفسيّة يعلمها الله..
النهاية: أشهد ان كثّر خيرنا على ذيك الحياة إنا ما طلعنا معوقين.. ولله الفضل من قبل ومن بعد..
غفر الله للقائل على قصته الظريفة وللشايب على معروفه في الولد وإحسانه.. وغفر لي ولكم..
ضحكت جدا وأنا أسمع القصة وتذكرت أيام زمان فقلت أشرككم معي فيها....